تــاجـــر مـن الجـــن
كان بإحدى قرى الريــف المصــري ,, قـريـة يســكنها عـدد من الفـلاحـين ,, وبجـوارها قريـة أخرى أكبر منها وأكثـر ســكـانا ,, بـها ســوق عامــرة بالتـجــار الذين يشــترون " في موسـم الحصـاد " ما ينتجه الفلاحـون مـن غـلال متنـوّعـة وفي ذات مـرة ,,, تجَّمع لأحد الزارعين حصيـلة مـن القمـح ,, فوضـع ما جمعه في أكيـاس تصـنع من ليـف النخـل وبعد أيـام أحضـر بعـض الدوابّ ,, وحمّل عليـها كل ما لديه من محصـول وقصـد بـه تلك السـوق المجــاورة فاشـتُريّ منه ما قدم به من محصـول القمـح ..
ثـم رجـع إلى قريتـه في المســـاء ,, ولمـا إقتـرب من منزلـه في قريتـه رأى تجمعـا من بعض نســوة جيرانه في القريـة حول منـزلـه ,, فظـن أن أحد أفـراد أســرته مـات ولما لقيـه أحد الجيـران سـأله مـا الذي وقع بـأهـل الـبـيـت ؟؟ قال ذلك بلهـجـة المشــفق الخـائـف !!!
فـأجـابه جـاره : لـم يمـت أحـد ولـم يـصـب بأذى ,,, لكـن زوجـتـك أم فـلان فقـدت حليـّها مـن فضـة وذهـب ..
و هـا هـي حـزينـة تبـكــي .. لأنـك قـد حمـلت في الصـبـاح البـاكــر كـل الأكياس التي فيـهـا القمح عندمـا كانت أم
فلان خارج المنـزل ,,, وكـانت تـضـع في أحـد تـلك الأكيـاس التي ذهبـت بـها إلى الســوق كـل حليـّها ومصـوغـاتـها ونقـودهـا ,,, وهي تخشــى أن تكــون تـلك الأشــياء فقـدت مـع الـقــمح الـذي بيـع ,,, وهـي حـصـيلة عـمــرهـا .
فقـال : الـرجل عندما قـابـل زوجـتـه , لا تخشـي مـن ضـيـاع هـذه المصـوغات , سأذهب إنّ شاء الله بعـد صلاة الفجــر وسألتقي بالتاجر الذي بعـت له القمـح ,, وهـو رجـل ذو صدق وأمــانة على مـا عـهـدت وسأرجع إليك بكل مصـوغاتك
وبعـد أنّ صلـى الصبـح ,, ذهـب إلى نحـو الســـوق وقـابـل صـاحبـه التـاجـر في متجــره ,, وأخبـره بالمصـوغـات المفقـودة في أحـد الأكيـاس ,,, فقال له صديقـه التـاجــر : الأمـر ســهل ,,, ومصـوغـات زوجتـك محفـوظـة إن كـانت في أحـد الأكيــاس الـتي إشــتريتـها منـك بالأمـــس .
وذهـب إلى مـوضـع تخـزين مـا يشــتريـه من محصــول ,,, وبعد مســافـة قصيـرة وقف به على شـاطىء ترعـة تفصـل بين الســوق وبين مخـازن التـاجـر ,,, وفجــأة قال له التـاجـر : غمّض عيـنيـك ولا تخـف ســنعبـر هـذه التـرعـة في لحظـة ,,, وبعد دقيقـة مـن الـزمـن وجـد الرجـل نفســه مع التـاجـر بين أناس كثيـريـن ذوي صـور مخـتلفـة ,, وأشــكال غريبـة ,, فأوجـس الرجـل في نفســه خيفة ..
فقال له صاحبـه التـاجـر
هدّىء من روعـك ولا تخـف من شـيء ,,, لن يمسك سـوء هنـا ,,, وفجـأة وقـفا على بـاب ســور كبير وأبصــر الرجـل بداخـله كميــات وفيـرة من الأكيــاس وضعـت في صفـوف متراصّـة منظـمة ..
فقال له التـاجـر " وهـما يمـران بين الصـفوف " هـذا الصـف هـو حصيـلة مـا اشــتريت بالأمـس من القمـح فانـظـر جيـدا إلى أكيـاســك من بين هـذه الأكيـاس ,,, وبينـما هـما يســيران والرجـل يدقق النظـر ,, وقـع نظـره على أكياســه الثمانيـة ,,, فقال للتـاجـر : هـذه أكياســي الثمانيـة ..
فقال لـه التـاجــر
إبحـث عـن الكيــس الذي قلت أن فيـه المصـوغات ,, فأخـذ التـاجـر يقتـح للرجـل كيسـا كيسـا ,,, والرجـل يدخـل يده باحثـا عن المصـوغـات ,, وفجـأة وقعـت يـده على صـرة داخـل أحـد الأكيـاس ,, فأخـرجـها فرحا مســـرورا ,, فإذا بها كل الحلي المفقـود ,, ثم رجعـا بعد أن أحكـم التاجـر قفـل باب المخـزن ..
وذهـب الرجل مع صاحبـه التاجـر إلى تلك الترعـة ,, وأمره بأن يغمض عينيه مرة أخـرى ,, ووصـلا إلى السـوق حيث مكان التاجـر ,,, فشــكر الرجـل صاحبـه التاجـر ,,, وطلب منه أن يخبـره بحقيقـة أمـره ..
فقال له التـاجـر
إعلـم أننـي لسـت مـن الإنـس ,, ولكنـي مـن الجـن الذيـن يتـاجـرون في هـذه الســوق ,, وإنـّا معشـر تجـار الجــن نشــتري كل ما تصـل إليـه أيدينـا من محصـول ,, ونـدخّـر ما شـرينا حتى يكـاد الجـوع يعـمّ النـاس ,, فإذا أراد الله أن يفـكَّ ضائقـة الجـوع ,, سـخَّـرنـا أن نخـرج من الحبـوب كل ما ادخـرنا فيحـصـل الرخــاء ,, وتنجـلى المجـاعـة ,, فكـل ما توجـد ضائقـة فهي منـّا ,, وكل ما توجد وفـرة فهـي منـّا ,, وذلك تســــخيــر الله تعـالـى لـنـا ..
ورجـع الرجـل إلى أهـلـه فرحــان مســرورا .. ورد لإمرأتـه حليـّهـا ,, وزغـردت من الفـرح وزغـرد معهـا نســاء القريـة من جـاراتـها فـرحـا
أرجو أن يكون الموضوع قد مال إعجابكم